صحة

اللقاحات .. قصة أعظم إنجاز طبي في تاريخ البشرية

المحتويات

اللقاحات .. قصة أعظم إنجاز طبي في تاريخ البشرية

 

أسامة هاني / مصر

اللقاحات .. قصة أعظم إنجاز طبي في تاريخ البشرية ,مر تاريخنا البشري بكثير من اللحظات التي كان لها تأثير كبير على حياتنا، وما وصلنا له الآن من تقدم وحضارة. والجانب العلمي، والطبي تحديدًا وما شهده من أحداث

شكل جزءاً كبيراً من تلك الثورات التي شهدها التاريخ. فالتحدي الأكبر الذي واجه

الإنسان منذ القدم هو الاستمرار والبقاء في مواجهة الطبيعة وأخطارها. ومن وجهة

نظر الكثيرين فإن المضادات الحيوية واللقاحات هي أهم تلك الانجازات. فبعدها تم

القضاء على الكثير من الإمراض المعدية وأصبح علاج الكثير منها أمر سهل بعد أن كان السبب الأول للموت بلا منافس.

 ما هو اللقاح؟

اللقاحات هي مركبات تحتوى على البكتريا أو الفيروسات في صورة غير مسببة للمرض،

عن طريق معالجة البكتريا بمواد كيميائية معينة، مثل مادة الفورمالدهيد، أو فصل أجزاء

صغيرة منها كالغلاف الخارجي لبعض الأنواع من البكتريا،  كما أن هناك بعض الأنواع من اللقاحات يتم تصنيعها كليا بتقنية ال DNA.

وعند تقديم هذه المركبات إلى الجسم تعمل على تحفيز الجهاز المناعي لإنتاج أجسام

مضادة تمنع حدوث الإصابة عند التعرض للصورة الحية

الطبيعية للبكتريا أو الفيروس. ومعظم أنواع اللقاحات، يتم تقديمها حاليا لكل

السكان في العالم بصورة منظمة ومجانية،  تحت إشراف منظمة الصحة العالمية.

عصر ما قبل اللقاحات

الديفيتريا والسعال الديكي والتينيتوس وشلل الأطفال،  أمراض تكاد لا تكون

موجودة حالياً، بل إن معرفة الكثير من غير الأطباء لأسماء هذه الأمراض يكون

بسبب تناولهم اللقاحات الخاصة بها، أو قراءتهم لأحد الكتب أو الروايات التي

تناولت فترات ما قبل اللقاح. لكن بالتأكيد لم يكن هذا هو الحال في بدايات القرن الماضي.

في كل عام كان متوسط عدد الوفيات من الديفيتريا 15الف حالة من أصل 200 إلف مصاب،

بينما وصلت حالات السعال الديكي إلى 175 ألف حالة توفي منها 1200 طفل. وعدد حالات

شلل الأطفال تجاوز ال 200 ألف حالة،  وأكثر من نصف مليون مصاب بالحصبة

يموت الكثير منهم. كانت فرصة أن يصاب طفلك بأحد هذه الأمراض المسببة

للوفاة أكبر بكثير من أن ينجو منها وينعم بطفولة هادئة وصحية. ومن الممكن

أن يولد مشوهاً إذا أصيبت الأم بعدوى الحصبة الألمانية أثناء فترة الحمل،

التي تسببت  بتشوه أكثر من 11 ألف طفل سنة 1965.أعظم

كان هذا هو الواقع المؤسف الذي يعيشه الناس منذ فترة ليست بالبعيدة. الخوف والذعر من الإصابة بهذه الأمراض، والوقوف عاجزين أمام معاناة أطفالهم، حيث كان الموت اقرب لهم من الاستمرار في الحياة.

البداية

كانت بداية اللقاحات على يد الطبيب الانجليزي إدوارد جينير في عام 1796 وكان طالب في كلية الطب. عندما لاحظ أن الفتاة المسؤلة عن حلب الأبقار قد أصيبت بجدري البقر،  وهو مرض بسيط يسبب فقاعات صغيرة على الجلد، ثم بعدها لم تصب بمرض الجدري  الخطير المنتشر في ذلك الوقت. أخذ جينير بعض السوائل من هذه الفقاعات وحقنها في جلد جيمس فيلب صاحب ال 8 سنوات، وبعدها بفترة حقنه بالفيروس المسؤل عن الجدري لكن أعراض المرض لم تظهر على جيمس لأنه اكتسب مناعة ضد الفيروس. وتفسير ذلك أن تعرض الجسم للعدوى الأولى يحفز الجهاز المناعي لتكوين أجسام مضادة لها القدرة على معادلة الفيروس في المرة الثانية ومنع الإصابة وذلك للتشابه الكبير بين النوعين. ومن هنا كانت البداية وتوالت الانجازات حتى أعلنت منظمة الصحة العالمية القضاء نهائيا على مرض الجدري سنة 1970. وأصبح الطبيب ادوارد جينير هو راد صناعة اللقاحات وله الفضل في كل ما وصل إليه هذا المجال حتى الآن.

هيا نتحصن ضد الأمراض

وخلال القرنين التاسع عشر والعشرين،  اتبع العلماء مثال جينير في تطوير الكثير من اللقاحات لمواجهة العديد من الأمراض المميتة. ففي عام 1897 قام لويس باستير بصناعة لقاح ضد مرض الكوليرا،  ثم لقاح الجمرة الخبيثة عام 1904. وظهر لقاح التيتينوس عام 1923 عن طريق معالجة البكتريا بمادة الفورمالدهيد وتحوليها لصورة غير نشطة لها القدرة على تحفيز الجهاز المناعة لإنتاج أجسام مضادة تمنع العدوى المستقبلية بالبكتريا.وظهرت لقاحات الدفيتريا والسعال الديكي بنفس الطريقة عام 1926 و 1984 على الترتيب. وبين عامي 1950 و1985 تم تصنيع خلايا لزراعة الفيروسات مما ترتب علىه ابتكار لقاح شلل الأطفال. وكانت هذه بداية لمجال واسع أرهق العلماء مدة كبيرة وكانت نتيجته عظيمة حيث تم الوصول لعدد كبير من اللقاحات كان لها الفضل في منع الكثير من الأمراض المميتة.أعظم

مستقبل اللقاحات والتصدي لأمراض أكثر

كعادة العلماء لا يقتنعون بما حققوه من انجازات، بل يسعون للمزيد، ومجال اللقاحات لم يقف لحظة حتى الآن. حيث عمل العلماء على ابتكار لقاح جديد لفيروس الأنفلونزا. وحاليا هناك الكثير من التجارب المبشرة لابتكار لقاح لفيروس HIV وهي العدوى الأخطر في الوقت الحالي. فقد تمكن العلماء من اختراع لقاح لأنواع مختلفة من الفيروس وحقن هذا اللقاح استطاع تحفيز جسم الفئران والخنازير والقرود لتكوين أجسام مضادة ومناعة طويلة ضد الفيروس. وقريبا ستكون أولى تجارب هذا اللقاح على البشر.

كما أن اللقاحات لها دور مهم في علاج ومنع بعض أنواع السرطانات، فقد تمكن العلماء من عزل الخلايا السرطانية أو بروتينات بعض الأورام وزرعها في الجسم لتمكينه من تكوين أجسام مضادة ومناعة لهذه الأنواع من السرطانات. كما أن اللقاحات ضد بعض الأنواع من الفيروسات يمنع السرطانات التي يكون سببها الأساسي العدوى بهذه الفيروسات. فاللقاح ضد فيروس ب يمنع سرطانات الكبد واللقاح ضد الورم الحليمي البشرى يمنع سرطان عنق الرحم.أعظم

ومن المتوقع أن يشهد هذه المجال الكثير من التطورات في السنوات القليلة القادمة، من خلال ابتكار أنواع جديدة من اللقاحات أو تطوير بعض الأنواع وطريق تقديمها مما يعمل على زيادة كفاءتها والتقليل من أعراضها الجانبية.

السابق
الإسكندرية.. اسم توّج أكثر من مدينة
التالي
علماء الرياضيات وإنجازاتهم ..تعرف على أبرز الإنجازات التى قدمها علماء الرياضيات للبشرية

اترك تعليقاً