التجاوز إلى المحتوى
بحث عن هذا حال الدنيا
مع مرور الزمن تغيرت الأحوال و تغيرت الناس فأصبح الحال غير الحال و أصبح صلاح الحال من المحال ,
فتجد الغني لا يسأل لو مات الفقير من الجوع , و تجد القوي لا يرحم الضعيف حتى لو ركع أمامه ,
تجد الحكام أشد قسوة من الجلادين و يقودون الشعب كما يقودون قطيعا من الأغنام على جانب
الهاوية فلا يرون من سقط في الهاوية و لا يعتقون من نجى من السقوط فيسلخونهم مثل الخراف ,
و تجد من يدافع عن الشعب يضرب بيد من حديد روؤس الشعب , يستغل الشعب و يستنزف دماءهم
ويسرق قوتهم بحجة أنه يحفظ حقهم و يدرء عنهم الظلم و هو الظلم بحد ذاته , فلا يعود المواطن
البسيط المسكين يدرك من الجلاد فهم كلهم جلادين ويضيع بين أسواطهم دون أن ترف أعينهم أو تحن
سياطهم على وهنه و ضعفه.
لقد أضحت قيمة الانسان صفرا , أو حتى دون الصفر , يجب ان يخترعوا قيمة جديدة تعبر عن القيمة
المنحلة التي يعطوها للانسان حاليا , فهو سلعة رخيصة باسمها ينهب الانسان و يقتل الانسان
و يضحى بالانسان , فأصبح هو العلة والداء و التضحية به هي الحل و الدواء.
حال الدنيا الأن اقبح مما كان في الجاهلية , بالرغم من أنهم في الجاهلية لم يمتلكوا تلك القيم
العظيمة التي منحنا اياها الاسلام ولم يمتلكوا التشريعات التي تنظم حياتهم , الا أن حياتهم كانت
تحتوي من المراعاة و الانسانية أكثر مما تحتويه حياتنا الأن , فحياتنا الأن ترتكز على الظلم و الأنانية
و الاستبداد , و شعار اليوم ” الغاية تبرر الوسيلة ” , فبات النظام فوضى , و أضحى القاتل باطلا ,
و صار المسالم عبدا , أما الضعيف فهو الضحية التي ينهشها الذئاب ,
و الظالم هو من يضرب له السلام و تقام له الموائد و ترفع له الرايات ,
هكذا أصبحت أحوالنا , هذه حال الدنيا.