شخصيات

عبد الحميد الثاني.. أقوى سلاطين العثمانيين

المحتويات

عبد الحميد الثاني.. أقوى سلاطين العثمانيين

 

 

عبد الحميد الثاني.. أقوى سلاطين العثمانيين,  وُلد السلطان عبد الحميد الثاني في 21 سبتمبر عام 1842، وهو ابن السلطان عبد المجيد الأول،

وتولى حكم الدولة العثمانية بعد أخيه السلطان مراد الخامس في 31 أغسطس عام 1876.

وتوفيت والدته عندما كان في الحادية عشرة من عمره، وربته زوجة أبيه،

واهتمت به. امتاز السلطان عبد الحميد الثاني بشخصيته القوية منذ صغره، ودرس العلوم

الأساسية، وتعلم عدة لغات وأجادها منها الفارسية والعربية، وكان متدينًا بطبعه، محافظًا

على صلاته، غير مندمج مع أمراء القصر الذين انجرفوا مع تيار الحرية والانفتاح الذي ظهر

وقتها، ولم يشرب الخمر قط طوال حياته.

كان يكره تدخل النساء في شؤون الدولة؛ حتى قيل أنه في اليوم التالي لتنصيبه سلطانًا على الدولة،

قابل زوجة أبيه التي ربته، وأكرمها ومنحها لقب “السلطانة الأم” وهو لقب يعطى لأم السلطان فقط ويعني الملكة، وقال لها:

بحنانك لم أشعر بفقد أمي، وأنت في نظري أمي، لا تفترقين عنها،

ولقد جعلتك السلطانة الوالدة، لكني أرجوك بإصرار ألا تتدخلي بأي شكل من الأشكال في أي عمل من أعمال الدولة.

وقد استجابت لهذا الأمر بكل رضى.

بداية حكمه

تولى السلطان عبد الحميد الثاني الحكم في 31 أغسطس عام 1876، بعد نزول أخيه

السلطان مراد الخامس عن العرش، وقد اتُهم في بداية حكمه بأنه مستبد،

ولكن هذا ما كان إلا ادعاء ظالم لسلطان متدين رفض عادات الغرب الخارجة عن تقاليد الدين الإسلامي تحت مسمى “الحضارة”.

ألغى نظام المجلس النيابي في 13 فبراير عام 1878 الذي أدخله أبيه السلطان

عبد المجيد الأول صاحب فرمان التنظيمات، وهذا الفرمان ينظم الدولة على الطراز الأوروبي،

وقد تم تعطيله لأجل غير مسمى من السلطان عبد الحميد الثاني. كان هذا الفرمان

قد أُقر عندما دخلت الدولة في حالة حرب مع روسيا بسبب إجبار الباب العالي على

رفض مقترحات “مؤتمر الترسانة” مما تسبب في دخول الدولة العثمانية في حالة حرب مع روسيا،

وقد أدت هذه الحرب لخسائر عظيمة في الدولة، مما شجع السلطان

على الانفراد بالحكم حتى يحكم أمور الدولة؛ ولا يوقعها في هذا المأزق

مرة أخرى، وانفرد بالحكم حوالي 30 عامًا، لكن السلطان عبد الحميد الثاني أُجبر على إرجاع الحكم

النيابي مرة أخرى في 13 يوليو عام 1908، عندما ثار الجيش عليه، بتحريض من أعداء الدولة.

الديون العثمانية وخطورتها

وصلت ديون الدولة العثمانية حتى عام 1881 إلى 252 مليون ليرة ذهبية، وكان هذا مبلغًا كبيرًا وقتها، وكانت إنجلترا وفرنسا في مقدمة الدائنين، ولم يكن هذا المبلغ الكبير إلا نتيجة لاستدانة الدولة في عهد السلطان عبد المجيد، والد السلطان عبد الحميد، وعهد السلطان عبد العزيز عم السلطان عبد الحميد، وأيضًا كان للخديوي اسماعيل يد كبيرة في هذه الديون، فنتيجة إسرافه على إنشاء قناة السويس تسبب في مديونية الدولة بحوالي نصف هذه الديون الهائلة؛ مما دفع السلطان عبد الحميد الثاني إلى عزل الخديوي اسماعيل، وتعيين ابنه الخديوي توفيق بدلًا عن أبيه في 25 يوليو عام 1879. وقد استطاع السلطان عبد الحميد أن يخفض الديون للنصف بجهوده وبأمواله الخاصة أيضًا، وكان هذا إنجازًا عظيمًا وقتها.

حمايته للقدس

قد يكون السلطان عبد الحميد هو آخر سلطان دافع عن القدس بقوة، ورفض إقامة وطن يهودي على أراضي القدس، فعندما مات البارون هيرش الذي كان يطمح لإقامة وطن لليهود في روسيا؛ خلفه تيودور هرتزل والذي كان له نفس الحلم، لكن أراد تحقيقه على أراضي القدس، وذهب للسلطان عبد الحميد الثاني لهذا الأمر؛ كي يسمح لليهود بالهجرة إلى فلسطين، والعيش في أماكن تحددها الدولة العثمانية في مقابل تسهيلات لديون الدولة، لكن هذا العرض لم يغرِ السلطان للتضحية بأرض القدس، وعاد هرتزل إلي بلاده صفر اليدين بعد أن طرده السلطان عبد الحميد هو والحاخام الأكبر.سلاطين

ما كانت هذه المقابلة إلا بمثابة تنبيه للسلطان عبد الحميد حتى يفهم تفكير اليهود تجاه فلسطين، ورغبتهم الكبيرة في دخولها؛ فأخذ السلطان يرسل سفراء ومبعوثين إلى فيينا وواشنطن، وباريس ولندن وبرلين حتى يتتبعوا الحركة الصهيونية هناك، وإرسال التقارير وقصاصات المجلات فيما يخص القضية الفلسطينية، ومطامع اليهود بها، حتى تيقن من غايتهم في احتلال الأراضي المقدسة، وأعلن عن أمرين في عام 1890 وهما: “عدم قبول الصهاينة في الممالك العثمانية، وإعادتهم إلى الأماكن التي جاءوا منها” وأمر نظارة الشؤون العقارية، بعدم بيع أراضٍ للمهاجرين إلى فلسطين.

السلطان عبد الحميد و”الاتحاد والترقي”

كان “الاتحاد والترقي” حزبًا معارضًا يجمع طلبة الحربية والطبية؛ وتم إنشاؤه في عام 1890، ولكنه كان سريًا حتى تم كشفه في عام 1897، ونُفي أعضاءه إلى باريس، وقد أرسل السلطان وراءهم مدير الأمن العام “أحمد جلال الدين” لاستمالة هؤلاء المعارضين ونجح في ذلك، لكن هناك من لم يستجيبوا لذلك وعلى رأسهم “أحمد رضا بك”.سلاطين

وفي المدة من 4 إلى 9 فبراير عام 1902، عُقد مؤتمر في باريس للأحرار العثمانيين، وطالب أعضاء المؤتمر بتقسيم الدولة العثمانية إلى ولايات مستقلة؛ إلّا أن أحمد رضا بك، لم يوافق؛ لكن كان التأييد أقوى لهذا الرأي؛ وكانت النتيجة أن أعضاء المؤتمر قد استنجدوا بالدول الغربية لمساعدتهم في ذلك.سلاطين

مؤامرة ضد السلطان عبد الحميد الثاني

اعتقد “الاتحاد والترقي” أن عزل السلطان عبد الحميد سيحمي الدولة من مضايقات الدول الأوربية؛ وكانت خطوته الأولى هي تخليص الدولة من حكم السلطان عبد الحميد الفردي، وقد اضطروه أن يعلن عن الحكم النيابي في 23 يوليو عام 1908، ولم يلتفتوا إلى أن ذلك سيعرض الدولة إلى مأزق قوي، وأنهم بفعلتهم هذه أزالوا اليد القوية الحامية للدولة، وهي يد السلطان السياسي الحكيم عبد الحميد الثاني، وقد أدركوا ذلك بعدما فقدت الدولة البوسنة والهرسك، مما أوقع هؤلاء الذين اعتقدوا أن بتسلمهم زمام الحكم سيكونون خير من يحكم في حالة هلع. ليس ذلك فقط، بل وقد أعلنت كل من بلغاريا وكريت عن استقلالهما عن الدولة العثمانية في 15 أكتوبر 1908 وانضمامهما لليونان، وفي 13 أبريل عام 1909، كانت حادثة 31مارت والتي دبرها الجيش العثماني، ثم نسبها إلى السلطان وقرروا عزله.

عزل السلطان عبد الحميد الثاني

قرر الجيش العثماني عزل السلطان عبد الحميد الثاني وبعث أربعة مندوبين لإبلاغه بخبر عزله، ولم يكن منهم عربيًا أو تركيًا، وإنما كانوا أربعة أشخاص وعلى رأسهم يهودي وهو إيمانويل قراصو، والثلاثة الآخرين من جنسيات مختلفة، أحدهما ألباني، والآخر أرمني، والأخير جورجي، واضطروا السلطان إلى التنازل عن العرش لأخيه “محمد رشاد” في 27 أبريل عام 1909، وتم نفي السلطان إلى “سلانيك” وهي مدينة يهودية، ونزل السلطان في قصر يهودي يسمى “آلاتيني” لإذلال السلطان لاعتقادهم أنهم بهذا السلوك سيحطون من شأنه.

وفاته

توفي السلطان عبد الحميد الثاني في المنفى في 10 فبراير عام 1918، عن عمر يناهز 76 عامًا، واشترك في تشييع جنازته كل شعب إسطنبول.

الافتراء على السلطان عبد الحميد الثاني

لطالما سعى كثيرون إلى الحط من قدر السلطان عبد الحميد، لأنه وبحسب إحدى الدراسات هو أقوى سلاطين الدولة العثمانية، والتي تعد أقوى وأطول خلافة إسلامية، ويليه السلطان سليمان القانوني، فبالطبع كان يمثل عائقًا أمام مساعي الغرب.

فقد حرضوا الجيش العثماني على تدبير حادث 31 مارت، وأيضًا اتهموه بإحراق المصاحف، وبالإسراف؛ أما أعظم ما افتروا به عليه هو إطلاقهم لقب “السلطان الأحمر” تعبيرًا عن إهداره لدماء البشر؛ وغيرها من الافتراءات والأقاويل التي تدين السلطان عبد الحميد، إلا أنه عند ربط الأحداث، نجد أن هذا كله ما هو إلا ادعاء كاذب في حقه.

السابق
مهاتير محمد .. الطبيب الذي قاد الأمة الماليزية نحو حضارتها !
التالي
في رحاب الأندلس: القصة كاملة من الفتح إلى ما وراء السقوط

اترك تعليقاً