المحتويات
- 1 ماهو مفهوم تفاعل الحضارات
- 2 الحضارة تعرف الحضارة لغة على أنها عكس البداوة وهي مرحلة سابقة من مراحل التطور الإنساني،
- 3 كما أنّها تعني التمدن،
- 4 وهي مصدر الفعل حضَرَ وجمعها حضارات،
- 5 ويمكن التعبير عن الحضارة لغة على أنها التمدن والتطور والإقامة في الحضر،
- 6 أما اصطلاحاً فقد تعددت تعريفات الحضارة،
- 7 حيث يعرفها ابن خلدون على أنها المفسدة للعمران،
- 8 فيرى أن الحضارة تُعنى بإنشاء المدن المترفة والثرية التي يميل سكانها إلى الراحة بعد إنشائها،
- 9 ليطمع بها سكان البادية ويغزوها ويستولوا على أموالها،
- 10 ثم ما يلبث السكان الحضر أن يبنوا ثورة
- 11 جديدة لتزول من جديد على أيدي غيرهم،
- 12 وبالتالي من وجهة نظر ابن خلدون فإنّ الحضارة تفسد العمران؛
- 13 ففي البداية تعمر المدن،
- 14 وتزول ما إن يستريح أهلها،
- 15 كما يرى ابن خلدون أن الحضارة طور من أطوار المجتمعات،
- 16 وهي طور طبيعي يعبر عن التفنن في الترف الذي ينقل الناس من البداوة إلى التحضر والذي يؤدي
- 17 بدوره إلى شيوع مظاهر الفساد،
- 18 ومن ثم يبدأ الهرم والخراب في المجتمعات.
- 19 أما تايلور عالم
- 20 الأنثروبولوجيا الإنجليزي فعرّف الحضارة على أنها كيان معقد يشتمل على العادات والتقاليد،
- 21 والفنون والآداب، ومختلف القوانين التي يمكن أن يكتسبها الفرد من المجتمع،
- 22 في حين رأى ول
- 23 ديورانت أن الحضارة نظام اجتماعي يساعد الإنسان على زيادة الإنتاج الثقافي.
- 24 والحضارة في الإسلام هي مجموعة المفاهيم والقيم النابعة من الإسلام والمرتبطة بنواحي الحياة
- 25 المختلفة الدينية، والاجتماعية، والعلمية،
- 26 والإدارية والاقتصادية،
- 27 والتي تعكس نظرة الإسلام للإنسان والحياة بما يناسب احتياجاته المختلفة وتوجهاته نحو تعمير الكون
- 28 من حوله، ولا يزال مفهوم الحضارة من المفاهيم التي يختلف عليها العلماء والباحثون تبعاً لاختلاف
- 29 المدارس الفكرية ووجهات النظر المتعلقة بالحضارة من شخص إلى آخر.
- 30 وبشكل عام يمكن تعريف الحضارة بأنها كل ما يشتمل على الفن،
- 31 والقانون،
- 32 والأخلاق،
- 33 والعقيدة والعادات،
- 34 وهي مجموع ما يكتسبه الإنسان في المجتمع الذي يعيش فيه،
- 35 وتعبر الحضارة عن مجموعة النظم التي يتميز بها مجتمع عن غيره من المجتمعات،
- 36 تفاعل الحضارات إن التفاعل والاحتكاك بين الحضارات يعد مكسباً كبيراً يجب أن يُوظف ويُستغل في
- 37 تحقيق التقدم والتطور،
- 38 ويمكن القول إنه لا يمكن عزل أي حضارة عن أخرى إذ إنه لا توجد حضارة
- 39 نشأت من تلقاء نفسها بمعزل عن الحضارات الأخرى،
- 40 أو أنها لم تتفاعل مع غيرها من الحضارات،
- 41 وذلك لأن الحضارة عبارة عن كيان ثقافي واسع وممتد وليس له حدود أو حتى بداية ونهاية محددة،
- 42 كما أن الحضارات والثقافات غير ثابتة وتتغير مع الزمن وتتفاعل مع بعضها البعض الأمر الذي يؤدي إلى
- 43 إثراء الحضارة الإنسانية بشكل عام،
- 44 ففي تفاعل الحضارات تأخذ كل حضارة ما يناسبها وما يتفق مع
- 45 طبيعتها، وتعطي الحضارات الأخرى ما تجود به بما يتلاءم مع نشاطها،
- 46 والجدير بالذكر أنه لا يمكن أن تكمل أي حضارة مسيرتها دون حدوث تبادل وتفاعل مع الحضارات الأخرى
- 47 والذي تحتمه طبيعة الحياة.
- 48 والثقافات التي تنتج عن تفاعل الحضارات هي نتاج إنساني تتغير وتتكيف تبعاً للحضارات المتفاعلة،
- 49 فيُعاد تشكيل هذه الثقافات مُنتجة ثقافة جديدة في طبيعتها وفلسفتها إلّا أنّها تناسب ثقافة الحضارات
- 50 المتفاعلة. وتعتمد شدة التأثير والتأثر الحاصل في هذا التفاعل والتبادل على قوة ومدى انتشار وسائل
- 51 الاتصالات، وعلى الفرق في درجة التقدّم ومقدار القوّة بين الحضارات المتفاعلة،
- 52 وكذلك على استعداد
- 53 أفراد تلك الحضارات النفسي والعقلي وجاهزيّتهم لهذا التفاعل.
- 54 إن التبادل والتفاعل بين الحضارات لا يلغي خصوصية أي حضارة،
- 55 وإنما يزيد من وعي الأفراد بقيم الحياة ومقوماتها،
- 56 كما أن من شأنه تقريب الصلات بين الأفراد وإزالة الكثير من المخاوف،
- 57 وتخضع جميع الحضارات إلى مبدأ التفاعل.
- 58 ويعدّ التفاعل الصحيّ بين الحضارات هو الذي يحدث في جو سليم ينعم بالحرية والرضى والتساوي،
- 59 وتسفر عنه نتائج مثمرة، أما فساد التفاعل الحضاري فيكون عندما يحدث في أجواء الحرب،
- 60 أو نتيجة الكبت والقهر،
- 61 أو التفاعل الذي يحدث لمصلحة جهة معينة وإهمال مصالح الجهات الأخرى.
- 62 نظرية صدام الحضارات مما يجدر التطرق إليه عند البحث في مفهوم تفاعل الحضارات هو مفهوم
- 63 صدام الحضارات (بالإنجليزية: Clash Of Civilizations)،
- 64 وهي عبارة عن نظرية أو أطروحة ظهرت على يد أستاذ العلوم السياسية في جامعة هارفرد في عام
- 65 1993م، والذي يُدعى صموئيل هنتغتون حيث نشر في عام 1993م مقالة عنوانها صدام الحضارات،
- 66 وأعاد صياغتها في عام 1996م بعد أن وجدها قد لقيت قبولاً كبيراً،
- 67 ليصبح عنوانها صدام الحضارات
- 68 وإعادة صنع النظام العالمي،
- 69 وقد أثارت هذه الأطروحة ردوداً متباينة في الأوساط الأكاديميّة
- 70 والثقافيّة والسياسيّة؛
- 71 فهناك من قام بتأييدها،
- 72 أو من تحفظ عليها،
- 73 أو رفضها،
- 74 كما وقد نشأ جدل ونقاش سياسي واستراتيجي وثقافي حولها.
- 75 وقامت نظرية صدام الحضارات عند هنغتنتون على فكرة أن الحضارة والثقافة هما العامل الجديد الذي
- 76 سوف يتحكم فيما ستؤول إليه العلاقات الدولية؛
- 77 وأن أي انقسام عالمي سيكون مبنيّاً على أساس
- 78 حضاري، وأن الصدام سيكون بين مجموعة حضارات متنافسة تنقسم وتتحيّز بناء على مدى انسجامها
- 79 مع الحضارات الأخرى.
- 80 ويمكن القول إن هنغتنتون لم يفصل ين الثقافة والحضارة فهما عنده سواء، وقد
- 81 بين أن الصراع الحضاري هو المحور الأساسي الذي تدور حوله السياسات العالمية وهو الذي يتحكم
- 82 في مجريات العلاقات بين دول العالم.
- 83 وقد قسم هنتغتون الحضارات العالمية إلى ثماني حضارات
- 84 يُعدّ الدين المعيار الأساسي للفصل بينها،
- 85 وهي الحضارة الغربية،
- 86 والحضارة الكونفوشيوسيّة
- 87 (الصينية)،
- 88 واليابانية،
- 89 والإسلامية،
- 90 والهندية،
- 91 والأرثوذكسية،
- 92 واللاتينية،
- 93 وأخيراً الحضارة الأفريقي.
- 94 التفاعل الحضاري في الإسلام إن التفاعل الحضاري من وجهة نظر الإسلام هو عملية قائمة على
- 95 التحاور وليس على الصراع، كما يرى الإسلام أن التفاعل الحضاري هو عبارة عن حوار دائم يهدف إلى
- 96 الخير والعدل والتسامح،
- 97 وقد قامت الحضارة الإسلامية في أساسها بالتفاعل الحضاري واعتمدت على
- 98 الحوار في المقام الأول،
- 99 حيث اقتبست الكثير من الحضارات التي سبقتها، واستفادت من ثقافات
- 100 الشعوب والأمم المختلفة،
- 101 كما شهد العديد من المؤرخين على دور الحضارة الإسلامية في نقل المدنية
- 102 نحو العالم الغربي من خلال تطورها وإبداعها النابع من قوتها الذاتية،
- 103 وقد احتلت الحضارة الإسلامية
- 104 الصدارة منذ بدء العصور الوسطى في المشرق والمغرب،
- 105 فقد نمت الحضارة الغربية في ظل الحضارة
- 106 الإسلامية والتي كانت تتمتع برقي كبير في ذاك الوقت،
- 107 كما ساعدت الحضارة الإسلامية العالم المسيحي على استعادة حصته من التراث اليوناني العلمي
- 108 والفلسفي في العصور الوسطى.
- 109 إن الإسلام يدعو دعوة صريحة إلى التفاعل الحضاري من خلال مبدأ الحوار الذي نادى به،
- 110 كما أن مبدأ التسامح الذي يقوم عليه الإسلام سمح للأمة الإسلامية أن تحتك وتتفاعل مع الأمم
- 111 الأخرى، حيث يعد التسامح القاعدة الأساسية والأولى في التفاعل الحضاري، ويقصد بذلك التسامح
- 112 الديني الذي يمنح كل طائفة حرية تأدية شعائرها الدينية وأن يبقى الجميع في ظل الدولة الإسلامية
- 113 وأمام قوانينها سواء ودون تفرقة،
- 114 وقد اهتمت الحضارة الإسلامية بالحضارات الأخرى وحرصت على
- 115 التقرب منها والتعرف عليها، وخير مثال على ذلك اهتمام الخلفاء المسلمين بالميراث العلمي للأمم
- 116 السابقة والذي استخدموه لبناء نهضة إسلامية وعلمية قوية تمثلت في عملية الترجمة للمؤلفات
- 117 اليونانية والهندية والفارسية في مختلف المجالات وخاصة مجال الفلسفة ومجال العلم التجريبي،
- 118 الأمر الذي أدى إلى التعرف على الأمم الأخرى والتقرب منها،
- 119 وقد أصبحت الحضارة الإسلامية بهذا التعارف خير مكان يتقابل فيه أبناء الأمم الأخرى، ليحدث الحوار
- 120 والتفاعل الحضاري البناء.