المحتويات
- 1 مقالة جميلة عن أتعرفون من هو صَقر قُرَيش؟
- 2 صاحب المقولة الجميلة هو
- 3 أبو جعفر عبد الله المنصور بن مُحمد بن عَلي بن عبد الله بن العباس بن عَبْد المُطلّب بن هَاشم
- 4 القُرشيّ؛ وُلِدَ سنة 95 هجرية في منطقة الحُمَيمَة في الأردنّ؛ وهو الخليفة العشرون من خلفاء
- 5 الرسول، والخليفة العباسي الثاني، وهُو المؤسس الحقيقي للدولة العباسية، وباني بغداد.
- 6 بُويعَ له بالخلافة في شهر ذي الحِجّة عام 136 هـ، بعد وفاة أخيه أبي العباس عبدالله السّفّاح،
- 7 وكان السفاح أصغر منه سنّاً، ولكن تولّى الخلافة قَبله امتثالاً لوصية أخيهم إبراهيم الإمام،
- 8 وكان السَّبب في هذا: هو أنَّ السَّفاح أمّهُ عربية حُرَّة، وكانت أم المنصور أَمَةً بربرية تُدعى” سَلّامه”.
- 9 ويُذكَر أنَّ أبا جعفر المنصور هو المُؤسِّس الحقيقيّ للدَّولة العبّاسية؛ فهو الذي أرسى السياسة في
- 10 الدَّولة، وسَنَّ السُّنَن فيها، وهو الذي جعل لبني العبّاس سَنداً في وراثة الحُكم، إضافة إلى أنّه سَنَّ
- 11 السياسة الدينيّة للدَّولة العبّاسية، وجعلها أساس الحُكم، وبفضل مُعاشرته للناس، وتعرُّضه للتجارُب،
- 12 والمِحَن، فقد استطاع المنصور النهوض بالدَّولة العبّاسية، حيث أصبحت مركزاً للحضارة الإسلاميّة؛
- 13 بفضل جُهوده، وحُسن تدبيره.
- 14 شخصيّته
- 15 يتمتَّع أبو جعفر المنصور بالعديد من الصفات. فقدكان المنصور طويلاً، ونحيفاً،
- 16 وأسمر البشرة. كان رَحب الجَبهة، ومُعرّق الوجه، وكان شُجاعاً حازماً ذا هيبة،
- 17 ودهاء. كان حريصاً جمّاعاً للمال، ولا يُحبُّ اللهوَ، واللَّعب. كان فقيهاً،
- 18 وأديباً، كما عُرِف عنه عِلمه، وحُسن مُشاركته. وعُرِفَ عنه من حيث شخصيّته القياديّة؛
- 19 أنَّه كان خليفة يعمل بكَدٍّ، وجدّ؛ فهو لم ينغمس في متاع الدنيا من لَهوٍ وسُلطة؛
- 20 حيث كان يشغل منصبه، وسُلطته للإهتمام بالدَّولة،
- 21 وشؤونها، كما أنَّه كان على عِلم بقيمة المال،
- 22 وأهمّيته؛ لذا فقد حرص على أن يُنفق المال فيما ينفع الناس،
- 23 وكان رافضاً لتضييع الأموال في غير فائدة، وهذا ما جعل المُؤرِّخين يتَّهمونه بالبُخل.
- 24 كما كان المنصور يهتمّ بالتدقيق على اختيار الوُلاة؛
- 25 حتى يستطيع مُتابعة كلّ ولاية في دولته، وكان ينتدب في القضاء،
- 26 والشرطة من هو أهلٌ لهذه الوظائف، إضافة إلى أنّه كان يُحاسِب كلَّ من يُقصِّر في عَمله.
- 27 تولَّى أبو جعفر المنصور خلافة الدَّولة العبّاسية بعد أبي العبّاس السَّفّأحمد عام 136 للهجرة،
- 28 ومُنذ استلامه لحُكم العباسيّين اهتمَّ بثلاثة أمور كانت تُعَدُّ خطراً على دولته، وهذه الأمور هي:
- 29 مُنافسة عمِّه عبد الله بن عليّ له؛ لذلك فقد كان عليه إزالته من هذه المُنافسة،
- 30 حيث أرسل جيشاً بقيادة أبي مُسلم الخراسانيّ، والتقوا عند حرَّان،
- 31 وانتصر جيش أبي مُسلم بعد ستَّة أشهر من القتال،
- 32 وبعد أنْ فرَّ عبد الله بن عليّ استطاع المنصور الوصول إليه، وحَبسهُ هو ومن كان معه.
- 33 ثُمَّ اتّساع نفوذ أبي مُسلم الخراسانيّ، ممّا جعله يُشكِّل خطراً على أبي جعفر المنصور؛
- 34 ولهذا استعمل أبو جعفر المنصور الدَّهاء معه، وولّاه على مصر، والشام بدلاً من خراسان.
- 35 وكذلك خَوف أبي جعفر المنصور من أن يخرج عليه أبناء عمومته من آل عليّ بن أبي طالب؛
- 36 لذا فقد اعتقلهم، ووضعهم في سِجن في العراق. أعماله
- 37 بعد أن تخلَّص أبو جعفر المنصور من كلِّ خطر يُحيط بدولته،
- 38 شَرع في بناء مركز للعبّاسيّين في مدينة بغداد التي بُنِيت بمبلغ كبير من المال،
- 39 وقد كانت بغداد مُميَّزة عن غيرها من المُدن، فلا نظير لها في فخامتها، وقَدرها؛
- 40 فهي مدينة العُلماء، والأعلام، وقد أصبحت سيِّدة البلاد، ومركز الحضارة الإسلاميّة؛
- 41 إذ أحضر المنصور إليها العُلماء من كافّة الدُّول، والأمصار،
- 42 ووصل عدد سُكّانها إلى المليونَين، وقد بُنِيت بغداد خلال أربع سنوات، وكانت ذات تنظيم دائريّ،
- 43 ولها ثلاثة أسوار، لكلِّ سور منها أربعة أبواب، هي: باب الشام، وباب البصرة،
- 44 وباب خراسان، وباب الكوفة، علماً بأنّ المنصور شرعَ عام 151 للهجرة في بناء مدينة لابنه المهديّ،
- 45 وهي مدينة الرُّصافة، وجدَّد فيها البيعة لنفسه، ومن بعده المهدي،
- 46 ومن بعد المهدي عيسى بن موسى.
- 47 أراد أبو جعفر المنصور أن تنهض الدَّولة العبّاسية بالعِلم،
- 48 والتعليم؛ ولذلك كتب إلى ملك الروم، وطلب منه أن يبعث إليه كُتب تعليم مُترجَمة،
- 49 فبعث إليه ملك الروم كُتب الطبيعيّات،
- 50 بالإضافة إلى كتاب إقليدس، كما أنّه فكَّر في إنشاء مكتبة خاصَّة بالمُسلمين،
- 51 وأمر بالترجمة من الكُتب غير العربيّة،
- 52 فبدأت حركة الترجمة في عهده من مُختلف اللُّغات (الروميّة، والفارسيّة، والسريانيّة)،
- 53 كما طلب من العُلماء، والمُتخصِّصين ترجمة كُتب الطبِّ، والرياضيّات،
- 54 والفلسفة، ومن أشهر الكُتب التي تُرجِمت في عهده كتاب( كَليلة ودِمنة)،
- 55 وكذلك كتاب( السِّند هند)، وكتاب( أرسطاطاليس). وفاته
- 56 تُوفِّي أبو جعفر المنصور في عام 158هـ، وهو في طريقه نحو مكَّة المُكرَّمة؛
- 57 لأداء فريضة الحجِّ فيها، وقد دُفِن في مكَّة المُكرَّمة،
- 58 عِلماً بأنَّ الحاجب( الربيع) لم يُفصِح عن مَوته حتى أخذ البيعة من قادة بني هاشم للمهديّ،
- 59 ثمّ أعلَن وفاته، وتمّ دَفْنه، ويُذكَر أنَّ آخر ما قاله الخليفة أبو جعفر المنصور قبل وفاته هو:
- 60 ( اللهمَّ بارك لي في لِقائك).
- 61 قصة المقولة
- 62 جلس أبو جعفر المنصور يوماً في أصحابه، فسألهم:« أتدرون من هو صقر قريش؟»،
- 63 فقالوا له:« أمير المؤمنين الذي رَاضَ المُلك، وسكّن الزَّلازل، وحَسم الأدواء، وأباد الأعداء».
- 64 فقال لهم: ما صنعتم شيئاً، قالوا: فَمُعاوية، قال: ولا هذا، قالوا: فعبدالملك بن مروان»،
- 65 قال: لا. قالوا: فمن يا أمير المؤمنين، قال: صقر قريش” عبد الرحمن بن معاوية” الذي تَخلّصَ بِكَيدهِ عن
- 66 سَنَن الأسنّة، وظُبّات السيوف، يَعبُر القَفر، ويركب البحر، حتى دخل بلداً أعجميّاً. فَمَصّر الأمصار، وجَنّد
- 67 الأجناد، وأقام مُلكاً بعد انقطاعه بحسن تدبيره، وشدّة عزمه.
- 68 ثمَّ قال لهم:” إنَّ معاوية نهضَ بمَركبٍ حَملهُ عليه عُمر وعثمان، وَذَلّلا له صُعَبه، وعبدالملك ببَيعةٍ تقدَّمت
- 69 له، وأمير المؤمنين( يعني عن نفسهِ) بطلبٍ من عِترَتهِ، واجتماع شِيعتهِ. أمّا”عبدالرحمن بن معاوية”
- 70 منفرداً بنفسه، مؤيدٌ برأيه، مُستَصحِباً عَزمهُ”.
- 71 وصقر قريش لقبٌ أُطلِق على” عبدالرحمن بن معاوية”؛ أو عبدالرحمن الدّاخل،
- 72 وهو مُؤسِّس الدولة الأمويّة في الأندلس، وحفيد الخليفة الأمويّ هشام بن عبدالملك الذي استطاع أن
- 73 يُثبت للناس جميعاً أنّ الإسلام باقٍ في الأندلس، ولم يمت، واستمرَّت مُدّة حُكمهِ 34 عاماً،
- 74 حَكَم فيها الأندلس حتى تُوفِّي فيها رَحِمَه الله.