أمراض الأطفال

كيف يسبب التلوث الاشعاعي تشوه الاجنة

المحتويات

كيف يسبب التلوث الاشعاعي تشوه الاجنة

 

بعد كل كارثةٍ نوويّةٍ شهدها العالم يندفع العلماء والناشطون في مجال البيئة إلى دراسة تأثيرات استخدام المواد المشعة على البشر والبيئة، حيث لاحظوا أن أحد جوانب تلك التأثيرات ولادة أطفالٍ لديهم تشوهاتٌ خلقيةٌ بنسبٍ مرتفعةٍ لم يعرفها سكان تلك المناطق قبل الكارثة؛ وهذا ما دفع إلى الاعتقاد بوجود رابطٍ بين المواد المشعة والتشوهات الخلقية يستوجب معرفة كيف يسبب التلوث الاشعاعي تشوه الاجنة.

التلوث الاشعاعي أحد مسببات تشوه الاجنة

يمر الجنين خلال تكوّنه بمراحلَ غاية في الأهمية والحساسية لأي متغيرٍ يتعرض له كالإصابة بالأمراض المعدية وتعاطي المخدرات، إضافةً للتعرض للإشعاعات التي تُسبب حوالي 10% من التشوهات للأجنة.

يتأثر الجنين بشكلٍ كبيرٍ بالإشعاعات خلال مراحل تكوينه الأولى وتحديدًا في الفترة الممتدة من أسبوعين إلى أربعة أسابيعَ، حيث يظهر عليه عددٌ من التشوهات الخلقية إما على هيئة تغييراتٍ في أعضائه الرئيسية أو في الجملة العصبية بالمجمل. ويتعرض الجنين خلال فترة الحمل إلى نوعين من الإشعاعات المؤينة وغير المؤينة فتظهر تأثيراتُ ذلك على شكل تشوهات خلقية تختلف تبعًا لنموه.

فقد أثبتت دراساتٌ كثيرةٌ أن الإشعاعات غير المؤينة لا تنطوي على مخاطرَ كبيرةٍ على نمو الجنين ما سمح باستخدام المرأة الحامل للأجهزة التي تُصدر الأمواج القصيرة، والأمواج فوق الصوتية، وأمواج الراديو، والأمواج الكهرومغناطيسية، دون أن يلحق أي أذى بالجنين؛ في حين ترتبط مُعظم التشوهات الخلقية بالتعرض للإشعاعات المؤينة الناتجة عن التعامل مع أشعة جاما والأشعة السينية إضافةً للمواد المُشعة في البعض المنشآت الصناعية.1

كيف يسبب التلوث الاشعاعي تشوه الاجنة ومدى تأثيره

يعتمد مدى تأثر الجنين بالأشعة على مرحلة الحمل ومقدار الأشعة التي تعرّض لها، وأكثر ما يكون ضررها في بداية تكوين الجنين وفي مرحلة تشكُّل الأعضاء خلال الأشهر الثلاثة الأولى، حيث تُعتبر المرحلة التي تسبق تعشيش البويضة الملقحة من أكثر المراحل حساسيةً وتأثرًا بالإشعاعات ما يُؤدي إلى نموها بشكلٍ غير طبيعي؛ بينما يكون التأثير بنسبةٍ أقل خلال الأشهر الثلاثة الثانية وضعيفًا خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من الحمل، وتحدث تشوهات الاجنة عادةً عند التعرض لحوالي 100- 200 ميلي جراي من الإشعاعات على الأقل، وتظهر على شكل عيوبٍ خلقيةٍ في الجهاز العصبي كالشفة المشقوقة.

إن تعرّض الجنين للإشعاعات خلال الفترة الممتدة بين 8 – 56 يومًا من الحمل يؤدي إلى حدوث تأخرٍ في النمو، أما إن حدث التعرّض خلال الفترة الممتدة بين 2- 15 أسبوع فسيؤدي إلى صغر حجم الرأس، وقد يُصاب بالتخلف العقلي الحاد، مع احتمال حدوث إعاقةٍ ذهنيةٍ أيضًا، كما ترتفع احتمالات إصابة الطفل بالسرطانات بعد الولادة نتيجةً لتلك الإشعاعات.2

طريقة تأثير الإشعاعات المُؤيّنة على أنسجة الجنين

يتمثل تأثير الإشعاعات المؤينة إما مُباشرةً على التركيبة الكيميائية الحيوية للأنسجة كالبروتينات والحمض النووي DNA، أو بطريقةٍ غير مباشرةٍ من خلال تشكيل ما يُعرف بمصطلح الجذور الحرّة Free Radicals القادرة على تفكيك تركيبة أي جزءٍ من أجزاء الخلية كالبروتينات والحمض النووي DNA.

قد تكون الآثار الناتجة عن الإشعاعات المؤينة قطعيةً ومُؤكدةً نتيجةً للإصابة بالمواد الاشعاعية على مستوى الخلية وضمن ما يُعرف بحد العتبة، وخلالها يفقد الجنين وظيفة الأنسجة أو الأعضاء فتظهر على شكل عيوبٍ وتشوهاتٍ خلقيةٍ على مستوى الجهاز العصبي أو يحدث الإجهاض أو الحد من نمو الجنين بالشكل الطبيعي، كل هذا معرضٌ للحدوث بشكلٍ أكبر مع ازدياد مقدار الإشعاعات التي يتعرّض لها الجنين.

كما قد تؤدي الإشعاعات إلى تأثيراتٍ عشوائيةٍ غير مباشرة ناتجة عن إصابتها للخلايا القادرة على التضاعف والانقسام محولةً إياها إلى خلايا خبيثة قادرة على التكاثر دون توقفٍ؛ وقد تظهر هذه الحالة بغض النظر عن كمية الإشعاعات التي تعرض لها الجنين، وهذا ما دفع العلماء إلى تحذير المرأة الحامل من التعرض لأيّ نوعٍ من الإشعاعات المؤينة باستثناء الحالات الطارئة.3

أمثلة على كيف يسبب التلوث الاشعاعي تشوه الاجنة

لا يمكن الغوص في مثل هذا الموضوع دون أن نذكر بعض الكوارث التي تسببت بحدوث تشوهاتٍ للأجنة نتيجةً للتلوث الاشعاعي كحالات التشوه الخلقي للمواليد الأطفال خلال السنوات التالية لكارثة تشيرنوبل النووية.

لاحظ الباحثون ارتفاع معدل الولادات بتشوهاتٍ خلقيةٍ في المناطق التي تعرضت لنسبٍ مُرتفعة من الإشعاعات المتسربة من المحطة النووية بعد انفجار المفاعل فيها، حيث سُجّلت حالاتٌ لولاداتٍ بعيوبٍ في الأنبوب العصبي في الدماغ والنخاع الشوكي، وحالاتٍ متزايدة من التوائم الملتصقة والأورام العجزية العصعصية الخلقية والأورام المسخية، يُضاف إلى ذلك حالاتٌ من عيوب صغر الرأس والعينين.

ومع ذلك يُجري الباحثون دراساتٍ وأبحاثًا مطولةً للتأكد من وجود علاقةٍ تربط بين حدوث التلوث الاشعاعي للتربة والماء في تلك المناطق وبين ولادةِ أطفالٍ بتشوهاتٍ خُلقيةٍ ظهرت أثناء فترة الحمل.4

ومع تسابق الدول للتسلّح النووي ومحاولة استثمار مجال الطاقة النووية في مجالات الصناعة المختلفة تظهر لنا الحاجة جليّةً لمعرفة مدى التأثير وكيف يسبب التلوث الاشعاعي تشوه الاجنة، سيّما في المناطق القريبة من تلك النشاطات الاشعاعيّة.

السابق
ما حقيقة تنصت جوجل علينا؟ وكيف يمكن منعه من ذلك!
التالي
انواع المتغيرات في اللغات البرمجية

اترك تعليقاً